الحب والمفهوم المشوه له
لا يكاد يوجد أغنية لا يذكر فيها كلمة "حب"، فماذا يقصدونه بالضبط؟
بدون أي مقدمة، الحب هو شعور، مثله مثل الكره والرضى والغضب والفرح والحزن. جميعنا يعلم ماهية هذا الشعور، فنحب بعض الأمور أن تحدث، ونحب بعض الأشخاص والأشياء، ونكره بعض آخر. فالحب والكره مفهومان متضادان وكلاهما أساسيان وبنفس المستوى والأهمية.
عندما يسألك أحدهم: "هل أحببت يومًا؟" فهنا صاحب السؤال حتمًا لا يقصد بالحب ما أسلفنا ذكره، وإلا فإن أسئلة كهذه هي أسئلة غبية بشكل أساسي (وهي تبدو لي كذلك دائمًا.)
ما يقصده صاحب هكذا سؤال هو "الارتباط"، وهو مفهوم سأناقشه بالأسفل.
الارتباط: هو إقامة علاقة بين شخصين أو أكثر (حسب الثقافة الشعبية المتوفرة)، لأغراض شتى، منها الانجذاب الرومانسي، أو الجنسي، أو لدواعي اجتماعية مثل المال أو الدين، وعادة ما يكون الغرض من الارتباط هو خليط معقد مما ذكر.
الانجذاب الرومانسي: أو الانجذاب الغرامي، هو انجذاب فطري ذوقي (أي معايير الانجذاب تختلف من شخص لآخر) مرتبط بطريقة أو بأخرى بالانجذاب الجنسي، ويحدث هذا الانجذاب بسبب حاجة الشخص لتلبية حاجاته الرومانسية أو الجنسية أو كليهما.
إذًا، ما علاقة الحب بكل هذا؟ الأمر بكل بساطة أن عامة الناس لا تميز بين الحب وبين الانجذاب الرومانسي، وهذا هو أساس المشكلة. فالحب هو مفهوم أشمل وأرقى ومن السيء جدًا خلطه بأمور بشرية فطرية مثل الانجذاب الرومانسي، والأسوء من ذلك ربطه بالارتباط بشكل عام، وهو ما يحدث فعليًا.
ولنكن واقعيين، أغلب العلاقات التي تحدث في مجتمعنا هي علاقات قائمة على أغراض اجتماعية بالدرجة الأولى، وقد يكون هذا الأمر غير واضح لدى أغلب الناس، بما فيهم الأشخاص الخائضين بعلاقة ارتباط معينة. وأنا هنا لا أنفي أن هذه العلاقات تتضمن الانجذاب الرومانسي، بل العكس، أؤكد أن مزج الرغبات الاجتماعية مع الرغبات الفطرية هو السبب الأساسي للتشوش الذي يحدث لمن يخوض هذه العلاقات.
وأريد أخيرًا التعليق على جميع الأعمال الفنية والأدبية وحتى العلمية التي ادعت أنها تتحدث عن الحب، فهي لم تفعل ولن تفعل لأن شعورًا أساسيًا مثل الحب لا يمكن أبدًا -تحت أي ظرف- مساواته ومكافئته مع علاقات بشرية تحدث لأغراض اجتماعية وفطرية بحتة. أبدًا...